كل شخص يحمل مفتاح سيارة يمتلك مسؤولية أكبر مما يتخيل. القيادة ليست مجرد تحريك عجلة وتمرير السرعة، بل هي منظومة متكاملة من الانتباه، التقدير، والاحترام على الطريق.
ورغم كل الحملات واللافتات، تبقى “القيادة الآمنة” سلوكًا يبدأ من الداخل، لا من الإشارات.
حين تخرج بسيارتك، فإنك تصبح طرفًا في مشهد واسع يضم مشاة، سائقي دراجات، حافلات، أطفالًا يعبرون الشوارع، ومسنين لا يستطيعون الإسراع. كل قرار تتخذه على الطريق – من سرعة زائدة إلى تجاوز إشارة – يملك أثرًا مباشرًا على سلامة الآخرين، لا على سيارتك فقط.
أرقام الحوادث في مصر تشير إلى أن نسبة كبيرة من الحوادث اليومية سببها “الخطأ البشري”، مثل التهور، استخدام الهاتف أثناء القيادة، أو التجاوز دون مراعاة القواعد.
وفي كثير من الحالات، كانت ثوانٍ قليلة كافية لإنقاذ روح… لو اختار السائق أن يقود بأمان.
القيادة الآمنة لا تعني فقط الالتزام بالقوانين، بل تشمل عدة سلوكيات أساسية:
- احترام حدود السرعة.
- ارتداء حزام الأمان دائمًا.
- إعطاء أولوية للسيارات والمشاة عند الحاجة.
- التوقف الكامل عند الإشارات، حتى لو كان الطريق خاليًا.
- الامتناع تمامًا عن استخدام الهاتف أو تصفح الرسائل أثناء القيادة.
- التأكد من الحالة الفنية للسيارة، خاصة الإطارات والمكابح.
قد يعتقد البعض أن القيادة الآمنة تعني “البطء” أو “التأخير”، لكن العكس هو الصحيح. من يسير بسرعة مفرطة أو يتجاوز الإشارات لا يصل أسرع، بل يعرض نفسه والآخرين للخطر. القيادة الهادئة تضمن وصولك، بينما الاستعجال لا يضمن إلا التهور.
هناك جانب نفسي كذلك. السائق الهادئ هو في الغالب شخص أكثر توازنًا في التعامل مع المواقف، لا يتأثر بسهولة، ولا يرد على استفزازات الطريق، ولا يدخل في “سباق” مع الآخرين. هذه السمات تصنع فرقًا في لحظات الأزمات.
كما أن دور المجتمع مهم. تعليم الأطفال مبكرًا احترام الطريق، وإدراج مبادئ السلامة في المناهج الدراسية، وتنفيذ ورش عمل في المدارس والجامعات، كل ذلك يُسهم في تكوين جيل أكثر وعيًا على الطريق.
وفي إطار خطة الدولة للحد من الحوادث، هناك جهود واضحة من الجهات المختصة مثل المرور، وزارة الداخلية، واللجنة القومية للأزمات، في تطبيق الرقابة الذكية، وتوسيع أنظمة المراقبة، وإنشاء طرق أكثر أمانًا. لكن تبقى النتيجة مرتبطة بالسلوك الفردي لكل سائق.
لن يكون هناك طريق آمن 100%، لكن يمكن أن يكون كل طريق أكثر أمانًا إن بدأ كل منا بنفسه. القيادة الآمنة ليست رفاهية، بل ضرورة مجتمعية تحافظ على الأرواح والممتلكات، وتبني مجتمعًا أكثر انضباطًا واحترامًا.
اجعل شعارك: “قيادتي تحمي غيري كما تحميني”.